- الوقاية من مرض السكر
تشير آخر الدراسات الإحصائية إلى أن نسبة الإصابة بالسكر قد تتراوح ما بين 6 إلى 10%، وهذه نسبة عالية ومؤشر خطير؛ لأننا أمام مشكلة كبرى وهى أن هذه النسبة فى زيادة مستمرة ما لم تواجه قوميا من كل المعنيين بالشئون الصحية والوقائية فى مجتمعنا.
فمرض السكر مرض مزمن يصيب الفرد ويستمر معه طوال الحياة ومعنى هذا أنه يحتاج إلى استمرارية العلاج والمتابعة الطبية, فمرض السكر ليس كغيره من الأمراض المعتادة فإنه لا يصيب عضوا أو جزءا فقط من أعضاء الجسم وإنما يصيب ويؤثر تأثيراً سلبياً على كل أعضاء الجسم بداية من الجلد ونهاية بالعظم.. مروراً على كل الأنسجة والأجهزة من قلب وأوعية دموية.. أعصاب وعضلات وكلى.. فمريض السكر زائر لكل الأطباء حتى الطبيب النفسي.
ومن هنا تأتى الأهمية الصحية لمرض السكر.. فهو مرض كل الأمراض والوقاية منه والعلاج المبكر له.. هما وقاية من مضاعفات كثيرة من أهمها فقدان النظر وجلطات القلب والأزمات القلبية والفشل الكلوى.. وكذلك حماية للأطراف والأصابع من الإصابة بالغرغرينا التى كثيراً ما تنتهى بالبتر وبالتالى فإنه ليس قضية صحية فقط بل أيضا قضية اجتماعية تحتاج إلى مواجهة من الاجتماعيين والمهتمين بالسلوك الإنساني الاجتماعي.
ما أثر العوامل الوراثية فى الإصابة بالسكر ؟
العوامل الوراثية لها دور فى إصابة الفرد بالسكر؛ فالفرد الذى يشكو أحد والديه، الأب أو الأم من مرض السكر هو عرضة أكثر من غيره للإصابة به.
ومن هنا تأتى أهمية فحص ما قبل الزواج والتعرف على فحص التاريخ المرضى للعائلة قبل الإقدام الزواج، وتظهر أيضا أهمية عدم استجابة الزواج من أقارب الدرجة الأولى.. وعلى عكس الاعتقاد الشائع بين الناس فإن التأثير الوراثى يكون فى ذلك النوع من مرض السكر الذى يظهر فى عمر متأخر.. وليس ذلك النوع الذى يظهر فى الطفولة كما يعتقد الكثير من عامةالناس.
ما أثر التغذية فى الإصابة بالمرض ؟
التغذية والرضاعة لهما دور، فلقد أظهرت الدراسات الإحصائية الأوروبية مؤخراً أن الأطفال الرضع الذين يعتمدون على ألبان الأبقار أكثر عرضة للإصابة بمرض السكر عن أولئك الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية.. ومن هنا تظهر أهمية الرضاعة الطبيعية والحث عليها حولين كاملين أى الفترة الأولى من حياة الطفل وهى الفترة التى يتكون فيها الجهاز المناعى للفرد والتعرف على خلايا جسمه.
هل للبدانة تأثير فى الإصابة بمرض السكر ؟
البدانة والسمنة المفرطة أيضاً من عوامل الإصابة.. خاصة تلك الزيادة التى تحدث بعد سن البلوغ للكثيرين بعد الزواج.. من العوامل الأساسية للإصابة بالمرض وبخاصة للزوجات إذا اقترنت بقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة الجسمانية .. فالإفراط فى أكل الحلويات والنشويات مع قلة المجهود الجسمانى يتسبب فى تراكم الشحوم والدهون بالجسم مما يتسبب فى اختلال عمل هرمون الأنسولين .. ويكون الفرد البدين عرضة للإصابة بالسكر، خاصة عندما تكون البدانة وتراكم الدهون فى منطقة البطن الكرش ولقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن هذه النوعية من البدانة مسئولة عن الإصابة بمجموعة من الأمراض المرتبطة مع بعضها والمتشابكة وهى أمراض السكر وارتفاع ضغط الدم الشريانى وترسب الدهون بجدار الأوعية الدموية مما يسبب ضيقها وقصورها مما يعرف بتصلب الشرايين والقصور فى الدورة الدموية للقلب.
ومن هنا تظهر أهمية حسن اختيار الطعام واتباع نظام غذائى سليم تتوازن فيه احتياجات الجسم من مختلف الأطعمة, طبيعية عمل الفرد كذلك القيام بمجهود حركى منتظم ومستمر.. ليس فقط من أجل الرشاقة والحفاظ على الوزن المثالى بل أيضا وقاية من أمراض السكر والقلب وضغط الدم.
هل هناك أمراض تتسبب فى الإصابة بالسكر ؟
الأمراض التى قد تصيب غدة البنكرياس نفسها وهى الغدة الموجودة فى وسط البطن وتفرز مجموعة من الهرمونات أهمها الأنسولين وهو الهرمون الأساسى لحسن استخدام سكر الدم والحصول منه على الطاقة اللازمة لخلايا الجسم للقيام بوظائفها الحيوية.. من هذه الأمراض الإصابة ببعض الفيروسات، خاصة فى الأطفال مما يؤدى إلى عجز البنكرياس عن إفراز الأنسولين ونقله فى الدم مسببا مرض السكر .. مما يؤدى إلى عجز البنكرياس بالالتهابات والأورام السرطانية أو ترسب بعض المواد مثل الحديد فى أراضى التمثيل الغذائى .
هل للتوتر العصبى تأثير فى الإصابة بالسكر ؟
ضغط الحياة والصدمات النفسية والتوتر العصبى المستمر والقلق النفسى.. وكذلك الحمل المتكرر واستخدام بعض العقاقير لمدة طويلة مثل الكورتيزون كأمثلة للضغوط البيولوجية على الجسم قد تظهر مرض السكر عند أولئك الذين عندهم استعداد وراثى للمرض.. فكثيراً ما نسمع أن مرض السكر ظهر عند من فقد عزيزاً لديه.. موت الأب أو الأم أو الولد أو عند الطلاق وهكذا..
الوقاية
الوقاية – دائمًا وأبدًا – خير من العلاج، ومن الممكن أن يتفادى مريض السكر الكثير من الأمراض إنِ التزم بقواعد الحياة الصحية في مأكله ومشربه وبيئته ونظام حياته، وهي قاعدة مطردة في الوقاية من جميع الأمراض، وحيث إن موضوع هذا الكتيب هو مضاعفات مرض السكر على القدمين تحديدًا، فلن أتعرض للوقاية والعلاجِ منَ المَرَض ذاته لضيق المجال، ولوجود الكثير من الكتب التي تعرضت لذلك، وسأكتفي بالإشارة إلى أهمِّ الإرشادات العامَّة الَّتِي يُنْصَح المَرِيض باتّباعِها، ومنها:
* التحكّم في مستوى سكر الدم:
وذلك من خلال الالتزام بالحِمْيَة الغذائيَّة، واتّباع تعليمات الطبيب المتخصّص في علاج مرض السكر، والمراجعة الدَّوريَّة له، حيث ثبت علميًّا بأن التحكم في مستويات سكر الدم يقلل من نسبة حدوث المضاعفات.
* إيقاف التدخين تمامًا:
الكلّ يعلم أنَّ التَّدخينَ ضارٌّ صِحّيًّا، محرَّمٌ شرعًا، مضيعة للمال، وعليه فمن الواجب على كل امرئ تهمه صِحَّتُه أن يقلع عنه تمامًا بجميع أنواعه من: سجائر، وغليون، وسيجار، وشيشة، ومعسل.. إلخ، وبِجَمِيع أشكال التدخين الإيجابي والسلبي؛ (كما يحدث عندما يستنشق أحد أفراد الأسرة الدخان من شخص آخر مدخّن يعيش معه في المنزل نفسه، أو يجلس معه في غرفة مغلقة أو سيئة التهوية).
ويُسْتَحْسَن أن يتمَّ تَحويلُ المَرِيض إلى إحدى العيادات المتخصّصة في مكافحة التدخين؛ لِتُساعِدَهُ في الإقلاع عنه، فللتدخين علاقةٌ وثيقة بالكثير من الأمراض.
ويهمّنا في هذا المقام منها تصلّب الشَّرايين، وإنّي لأعْجَبُ مِن أُناسٍ يَهْدرون أموالَهم مرَّتيْنِ، مرَّة في التدخين ومرَّة للعِلاج من مضارّ التَّدخين على البدن.
* تَخْفيض مُسْتوى الدهون في الدم:
وذلك بالتزام الحِمْية الغذائية الخاصة بتخفيض مستويات الكوليسترول والدهون في الدم خلال التقليل من تناول الدهون الحيوانية، والامتناع عن تناول الأغذية المحتوية على كميات عالية من الكوليسترول؛ كصفار البيض؛ ومشتقات الألبان، واللحوم عالية الدهون كلحم الضأن، وعدم تناول الوجبات السريعة المقليَّة في الدهون، مع الحرص على اتّباع تعليمات المختصّين في علوم التغذية والحِمْية.
إضافةً إلى مزاولة الرياضة وبالذَّات المشي، والتأكّد منِ انضباط معدَّلات الدهون في الدم من خلال الفحص الدوريّ، مع استشارة الطبيب المعالج في مدى الحاجة إلى علاجٍ خافض للدهون في الدم.
* تَخفيض وزن الجسم:
هناك عَلاقة وثيقة بين تدهور مستويات السكر والدهون في الدم، وبين البدانة المفرطة، مما يؤدي إلى حدوث تصلب شرايين في جميع أنحاء الجسم، إضافة إلى تزايد الحاجة إلى جرعات أكبر من الدواء المنظِّم لمستوى السكر في الدم؛ لذا: وجب على المريض العملُ بِكُلِّ وسيلة طبّيَّة موثوقةٍ علميًّا على تخفيض وزنه.
* تخفيض ارتفاع ضغط الدم:
يلاحظ ارتفاع ضغط الدم (على الضغط الطبيعي الذي لا يزيد عن 140 / 90 ملم زئبقي) في حوالي 20 – 60 % من مرضى السكر، ونظرًا لأهمية ارتفاع ضغط الدم؛ كعامل من عوامل الخطورة الكبرى لمرضى تصلب الشرايين، فإنه من الواجب العمل على خفض ارتفاع ضغط الدم في مريض السكر.